زواري

من أنا

صورتي
أنا المدلل الغارق في آلاء الله ونعمه , قليل الشكر كثير الذنب , أحب الله جدا ولكن المعاصي لم تدع لي وجها أقابل به ربي وليس لي إلا أن أطمع في رحمة ربي الواسعة لعله يقبلني . وأنا واقف بالباب لن أبرحه فليس لي غيره.

الاثنين، 15 يونيو 2009

الوصية الواجبة ( 1 )

دليل الوصية الواجبة
وأقوال فقهاء الشرع والقانون في هذا الباب

( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين )
وقال صلى الله عليه وسلم : (( لأن يتصدق المرء في حياته وصحته بدرهم خير له من أن يتصدق عند موته بمئة ))
الوصية لغة هي :
الوصل يقال وصيت الشيء بالشيء أصيه بمعنى وصلته وهو من باب الوعد وأوصى إلى فلان بمال أي جعل له مالاً بعد وفاته
و فقهاً :
في اصطلاح الفقهاء لها تعريفات مختلفة حسب مذاهبهم لكنه اختلاف شكلي لا يمس الجوهر والمضمون فعرفها صاحب الدر المختار من الحنفية بأنها : ( تمليك مضاف إلى ما بعد الموت على وجه التبرع )) وقال صاحب المغنى من الحنبلية ( الوصية بالمال هي التبرع به بعد الموت )) وفي مغنى المحتاج عرفها الشربيني بأنها : تبرع بحق مضاف ولو تقديراً إلى ما بعد الموت ))
فخلاصة التعريفات أنها :
تصرف في التركة مضاف لما بعد الموت .
وقد أتى الفقه والقوانين على شروطها ومقدارها وصحتها وحكمها وأقسامها و هذا مبحث طويل مفصل لكن بدأنا به للوصول إلى ما يسمى بالوصية الواجبة بعد أن وقفنا على تعريف ومعنى الوصية حيث أجاز الشرع الحنيف للمرء تدارك ما فاته من نقص بعمل خير خلال مسيرة حياته وأجازه التصرف بثلث ماله تصرفاً ينفذ بعد الوفاة أو أكثر من ذلك إذا أجازه الورثة وبشرط أن لا يكون لوارث إلا بإجازة الورثة أيضاً وهذا تصرف متروك لإرادة المرء لكن نبدأ بالبحث بالوصية الواجبة والتي يطلق عليها هذا الاسم لكنها أقرب للتوريث الجبري الذي لا إرادة للمتوفى فيه .
تعريف الوصية الواجبة :
عرفها قانون الأحوال الشخصية السوري من خلال تحديد مستحقيها بما يلي :
مادة 257 / 1 ـ من توفي وله أولاد ابن وقد مات ذلك الابن قبله أو معه وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية ...
وعرفها قانون الأحوال الشخصية الأردني في المادة 182 منه بذات التعريف
وجاء في قانون الوصية المصري رقم 71 لعام 1946 ما يلي :
( إذا لم يوص الميت لفرع ولده الذي مات في حياته أو مات معه ولو حكماً بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثاً في تركته لو كان حياً عند موته وجبت للفرع وصية بقدر هذا النصيب في حدود الثلث ............ وتكون هذه الوصية لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات ولأولاد الأبناء من أولاد الظهور وإن نزلوا )
فمن خلال النصوص القانونية الثلاث نرى أنها :
جزء من التركة يستحق لأولاد الابن المتوفى قبل أصله // وأضاف القانون المصري أولاد البنات الطبقة الأولى // بحدود ثلث التركة // وخالف القانون السوري بمقدار حصتهم فقط من حصة أبيهم وليس كلها
الأصل الفقهي للوصية الواجبة :
إن أول من قال بالوصية الواجبة هو القانون المصري في قانون الوصية رقم 71 لعام 1946 وتبعه فيه قانون الأحوال الشخصية السوري عام 1953 ثم القانون الأردني وانتشرت الفكرة بعد ذلك في العديد من القوانين العربية و قد استند واضعوا القانون لما يلي من أصول الشرع :1
ـ الآية الكريمة {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ }البقرة180 فهذه الآية وإن أجمع جمهور الفقهاء على أنها منسوخة بالكلية إلا أن جمعاً من التابعين ومن بعدهم قالوا :
إن المنسوخ هو وجوب الوصية للوارث من الأقربين فقط وليس للأقربين مطلقاً ومنهم ( سعيد بن المسيب ـ وأحمد بن حنبل ـ والطبري وابن حزم .
2 ـ ذهب ابن حزم إلى وجوب إعطاء جزء من مال المتوفى للأقربين غير الوارثين على أنه وصية واجبة ما دام لم يوص لهم بشيء
3 ـ أخذ ذلك من قاعدة أن أمر الإمام بالمندوب أو المباح يجعله واجباً .
4 ـ ضرورة معالجة مشكلة أبناء الابن المتوفى اللذين قد يكونون من الفقراء
المسـتحقون للوصية الواجبـة :
حسب القانون السوري فالمستحقون للوصية الواجبة هم أولاد الابن وأولاد ابن الابن وإن نزل واحداً كانوا أم أكثر يحجب فيها كل أصل فرعه دون فرع غيره ويستحق فيها كل فرع حصة أصله فقط . ) وهذا ما حددته الفقرة ج من المادة 257 من قانون الأحوال الشخصية
ووافقه في ذلك القانون الأردني في الفقرة ج من المادة 182 من قانون الأحوال الشخصية
أما القانون المصري فقد أثبت الوصية الواجبة لأولاد الابن وإن نزلوا كالقانون السوري وزاد عليه الطبقة الأولى من أولاد البنت ونص على ذلك في المادة 76 منه وهذا جنوح عن الصواب من هذا القانون ذلك أن حجب أولاد البنت ليس لوجود الأولاد ولكن لبعدهم عن المتوفى إذ أنهم من ذوي الأرحام وهو محجوبون مع عدم وجود الأولاد فكيف بهم يورثون معهم ؟؟

مقـدار الوصيـة الواجبـة :
نص القانون السوري للأحوال الشخصية في الفقرة( آ )من المادة 257 على أن مقدار الوصية الواجبة هو :
حصة أولاد الابن الإرثية مما يرثه أبوهم المتوفى قبل أصله على فرض أن هذا الأب توفي بعد أصله لا قبله أي الجد المتوفى أخيراً بشرط : ألا يتجاوز ذلك ثلث التركة وتوزع تلك الحصة بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين
مثال : يفرض أن الأب متوفى بعد أصله فتحسب حصته من التركة ثم تحسب حصة الأولاد منها وتعطى لهم ثم يرد الباقي على التركة الأولى فإذا زاد ما يستحقونه عن الثلث نفذت في الثلث فقط ورد الباقي للتركة الأولى
وقد خالف القانون المصري في ذلك ونص في المادة 76 منه على أن مقدار الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد هو حصة أبيهم لا حصتهم منها ووافق القانون السوري باشتراط أن لا تتجاوز ثلث تركة المتوفى الأصل الجد مثلاً
وكذلك نحا القانون الأردني منحا القانون المصري في فقرته آ من المادة 182 بأن لهم حصة أبيهم كاملة لا حصتهم منها
وفي هذا تطرف من القانونين المصري والأردني إذ تترتب عليه أن تستحق بنت الابن من التركة أكثر مما تستحق البنت في كثير من الأحوال
مثال : رجل توفي عن أم وأب وخمس بنات وبنت ابن توفي والدها قبل أصله فالمسألة وفق القانون المصري والأردني تنقسم إلى 630 سهماً بنت الابن منها 120 سهماً وللبنات الخمسة جميعاً ( 340 ) سهماً إذا يكون نصيب الواحدة منهن 68 سهماً وهي أقل بكثير من حصة بنت الابن
بينما في القانون السوري تنقسم التركة إلى 630 سهماً لبنت الابن منها 60 سهماً أي مثل حصتها لو كانت ترث من أبيها الذي ورث من جدها فلا تأخذ كامل حصته لأنه لو كان هو المتوفى أصلاً لما ورثت كامل حصته فكيف بنا نعطيها الحصة كاملة هنا ؟؟ وتأخذ البنات الخمس مجتمعات 380 سهماً أي نصيب الواحدة منهن 78 سهماً وهذا أقرب للمنطق ولقانون الإرث .
شــــروط اســــتحقاقها :
نص القانون السوري على شروط لاستحقاق الوصية الواجبة هي الآتي :
1 ـ الشرط الأول :
أن يكون هؤلاء الأحفاد وارثين في تركة جدهم و إلا لم يستحقوا شيئاً من التركة وأخذوا نصيبهم الإرثي فقط دون الوصية الواجبة سواء كان هذا الإرث أقل أم أكثر من الوصية الواجبة ( فقرة ب من المادة 257 )
مثاله :
إذا توفي إنسان عن ابنين وابن ابن توفي أبوه قبل جده كان لهذا الحفيد وصية واجبة كونه محجوبا عن الإرث بالابنين فإذا كان للميت بنت وابن ابن توفي أبوه قبل جده فالبنت ترث نصف التركة ولابن الابن التعصيب فهو هنا أصبح وارثاً أصلياً ولم يستحق الوصية الواجبة .
2 ـالشرط الثاني :
أن لا يكون جدهم أوصى لهم أو أعطاهم بلا عوض ( هبة أو بيع بثمن بخس ) قبل وفاته بمثل ما يستحقونه من الوصية الواجبة و إلا أخذوا ما أوصى لهم أو أعطاهم ولم يستحقوا شيئاً من الوصية الواجبة فإن كان ما أوصى به الجد أو ما أعطاهم إياه أقل من نصيبهم لو أخذوا الوصية الواجبة هنا يكمل لهم باقي حصتهم على أساس الوصية الواجبة فأن كان أعطى أو أوصى للبعض منهم دون الآخر يعطى من لم يأخذوا أو يوصى لهم مقدار حصتهم من الوصية الواجبة .
3 ـ الشرط الثالث :
أن يكون أبوهم مات قبل أصله أو معه فإن كان قد مات بعده استحق ورثته كلهم أبناء أو غيرهم حصته كلها إرثاً عنه لا وصية واجبة .
وهذا الشرط أيضاً محل اتفاق بين القوانين الثلاثة المصري والسوري والأردني .
4 ـ الشرط الرابع :
أن لا يتجاوز ما يستحقه هؤلاء الأحفاد ثلث تركة جدهم و إلا ردت حصتهم إلى الثلث وبطل الباقي لأنها وصية وليس ميراثا والوصايا محدودة بالثلث .
كيفية حسـاب الوصيـة الواجبـة :
آ ـ في القانون المصري : اختلف شراحه في طريقة حساب الوصية الواجبة لعدم وضوح نص المادة القانونية التي فرضتها حيث ورد المقدار في المادة 76 منه كالآتي : ( ......... وجبت للفرع في التركة وصية بمقدار هذا النصيب )
آ ـ فذهب بعضهم إلى قسم التركة واعتبار الابن المتوفى حياً ثم نقل ما يستحقه إلى أولاده
وقد أخذ على هذا الحل مآخذ عدة منها : 1 ـ أنه قد يؤدي لحجب بعض الورثة كلياً أو جزئياً وهو ما لم يقصده القانون .
مثاله : رجل توفي عن زوجة وأربع بنات وأخت شقيقة وبنت ابن توفي والدها قبل جدها فإذا فرضنا أن الابن متوفى حياً كان له 14 سهماً أعطيت لابنته وحجبت الأخت الشقيقة عن الإرث كلية وهذا مخالف لقواعد الإرث إذا لم يحجب الشارع بالأموات .
كما أخذ عليه 2 ـ إلى أن المتوفى قد تكون حصته أحياناً على حساب الأولاد فقط دون سائر الورثة وهو مخالف للقانون الذي اعتبر تلك الحصة وصية تؤخذ من أصل التركة على حساب كل الورثة لا إرثاً .
مثاله : رجل توفي عن زوجة وأم وأب وبنت وابن وبنت ابن توفي والدها قبل أصله فالمسألة هنا من ( 120 ) سهماً نصيب الأولاد منها ( 65 ) سهماً
لبنت الابن منها 26 سهماً على حساب الابن والبنت دون أن ينقص شيئاً من حصة الزوجة والأب والأم وهذا مخالف للقانون كون الوصية الواجبة وصية لا إرث إي تحسب من كامل التركة وحصص الورثة .
ب ـ وذهب بعض الشراح إلى حل آخر : وهو توزيع التركة بين الأحياء فقط ثم يعطى أولاد الابن حصة مساوية لحصة ابن وتضاف على أصل المسألة ثم توزع التركة على الأصل الجديد
مثاله : إمرأة توفيت عن زوج وبنت وابن وبنت ابن توفي أبوها قبل جدها فأصل المسألة من ( 4 ) أسهم للزوج سهم واحد وللابن سهمان وللبنت سهم فيعطى لبنت الابن حصة أبيها وهي سهمان فتعول المسألة إلى 6 أسهم بدلاً من ( 4 ) أسهم وقد أخذ على هذا الحل إن بنت الابن استحقت بالوصية الواجبة أكثر مما يستحقه أبوها لو كان حياً لأنه لو كان حياً لأستحق ( 6 من 20 )وهي أقل من( 2 من 6 ) .
وهو مناف للمنطق لأن بنت الابن لم تستحق حصة في الوصية الوارثة إلا عن طريق أبيها فليس معقولاً أن تستحق أكثر منه
ج ـ وذهب آخرون لحل مقبول أكثر من الحلين السابقين : وهو أن يجعل ابن المتوفى حياً فيدفع حصته لأولاده ثم يعاد توزيع الباقي من جديد على الورثة بعد حذفه بالكلية وهذا يوفر محاذير الحلين السابقين
مثال : رجل توفي عن أب وأم وبنتين وابن وبنت ابن توفي أبوها قبل جدها فالمسألة تكون من 18 سهماً يكون لبنت الابن فيها ( 4 ) أسهم من حصة أبيها ثم يعاد التوزيع لـ ( 14 ) سهماً على الورثة من جديد بعد حذف بنت الابن بالكلية فتكون المسألة النهائية من ( 108 ) أسهم للبنتين ( 28 ) سهماً وللابن ( 28 ) سهماً وللأب 14 سهماً وللأم 14 سهماً ولبنت الابن 24 سهماً وبذلك لا تأخذ بنت الابن أكثر من الابن من جهة ولا يحجب أحد بها ولا بأبيها من الورثـة من جهة ثانية وتكون حصتها من أصل المسـألة وليـس من حصة الأولاد فقط من جهة ثالثـة .
ب ـ في القانون الأردني : وقع أيضاً في ذات الصياغة الغامضة التي جاء بها القانون المصري فنص في الفقرة آ من المادة 182 منه على :
( الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصة أبيهم من الميراث فيما لو كان حياُ .. )
ت ـ في القانون السوري : خلال صياغة المادة المتعلقة بهذه الوصية خرج عن هذا الغموض الذي اكتنف مادتي القانونين المصري والأردني إضافة لمخالفته في مقدار هذه الوصية حيث نص بوضوح في الفقرة آ من المادة 257 منه على أن :
الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم عن أصله المتوفى على فرض موت أبيهم أثر وفاة أصله المذكور )
فالحل الصحيح الوحيد الذي ينسجم مع القانون السوري هو بتقسيم التركة للجد مع اعتبار الابن المتوفى حياً ثم بتقسيم آخر حساب حصة أولاده من حصته على اعتبار وفاته أثر وفاة أصله مباشرة بمسألة مستقلة ثم إقامة جامعة بينها وبين المسألة الأولى ثم تنزيل حصة هؤلاء الأولاد من أصل التركة ثم العودة إلى توزيع باقي التركة على الورثة بعد حذف أولاد الابن نهائياً
مثاله : امرأة توفيت عن زوج وأم وأب وبنتين وبنت ابن توفي والدها قبل جدتها فالمسألة تكون من 2160 سهماً للأم منها 258 سهماً وللأب منها 258 سهماً وللزوج 387 سهماً وللبنتين ( 1032 ) سهماً مناصفة و لبنت الابن ( 225 ) سهماً هي نصف حصة ابيها وهي حقها هنا لعدم العول أو الرد في تركة أبيها المقدرة .
المآخذ على تبرير الوصية الواجبة والأخذ بها :
أولاً ـ إن القول بأن أمر الإمام بالمباح يجعله واجباً فمردود لعدة أسباب ووجوه أهمها :
أ ـ أن الأمر هنا ليس مباحاً ولكنه محرم لما فيه من اقتطاع جزء من التركة أثبته القرآن الكريم حقاً للورثة وهو محرم وليس مباحا .
ب ـ أمر ولي الأمر بالمباح يجعله واجباً يعاقب الإنسان على تركه ولا يجعله موجوداً من دون موجد وما دام الموصي المتوفى قد مات ولم يمكن عقابه فلا محل لجعل الوصية موجودة حكماً هنا بدون إيصائه
ثانياً ـ من قال بوجوب الوصية من الفقهاء قال بها كوجوب دياني وليس قضائي إلا ابن حزم في قول ضعيف وهو رغم ذلك لم يحدد المقدار كونه قولا بلا دليل ذلك أن الله سبحانه وتعالى أطلق الأمر في آية الوصية السابقة وكل تقييد لها من غير دليل تشريع وهو محرم لأن الله وحده صاحب التشريع لقوله تعالى : (( إن الحكم إلا لله ))
ثالثاً ـ حتى قول ابن حزم بوجوب الوصية للأقرباء من غير الوارثين لم يحددها بأولاد الابن المتوفى قبل أبيه ولا بالفروع أصلاً وليس له التحديد كون الآية جاءت مطلقة من كل قيد إلا كونهم أقرباء
رابعاً ـ الوصية الواجبة لأولاد الابن المتوفى قبل أبيه قد يحتج بها أولاد الأخ المتوفى قبل أخيه وأولاد العم المتوفى قبل ابن أخيه لعدم الفارق بينهم وفي هذا ضياع لأحكام المواريث كلياً والتي عنى القرآن الكريم بتفصيلها لأهميتها على خلاف أكثر الأحكام التشريعية .
خامساً ـ أما قول البعض بأن آية الوصية غير منسوخة فيغلبه قول جمهور الفقهاء و الأرجح الأخذ برأي الجمهور لا البعض
سادساً ـ أما القول بأن أولاد الابن بأنهم قد يكونوا من الفقراء فهو مردود لأن الإرث حق وليس صدقة ولهذا فمناطه القرابة وليس الحاجة والحاجة أيضاً قد تكون غير مؤكدة حيث قد يكون أعمامهم أكثر حاجة منهم كما أن القانون لم يشترط الحاجة لاستحقاهم هذه الوصية وبالتالي انتفى هذا المبرر .
ومن الملاحظات التي نراها في تطبيق الوصية الواجبة فعلياً وعملياً أنها أقرب لأحكام الإرث من أحكام الوصية وبمقارنة بسيطة نجد ما يلي :
أ ـ أنها تسمى وصية واجبة وبالتالي مستحقيها هم موصى لهم وليسوا ورثة ولكنهم يعاملون معاملة الورثة بتنظيم الوثيقة ويرد في وثيقة حصر الإرث ( أو الإعلام الشرعي كما يسميها القانون المصري ) أن فلانا توفي وانحصر إرثه بفلان وفلان و .. و ... ومن بينهم هؤلاء الأحفاد مستحقي الوصية الواجبة فهل هم موصى لهم أم ورثة ؟؟
ب ـ كما أن الوصية لغة وشرعاً هي فعل إرادي وإن كانت أمرا مستحبا ديانة ويحث الشرع الكريم عليه لكنها بالنهاية ليست أمراً إلزامياً فمن شروطها الاختيار وفي حال فقدان هذا الشرط تعتبر باطلة فالمكره والفاقد لإرادته لأي سبب كان لا تصح وصيته كذلك لا تصح وصية الهازل ويمكن أن يتوفى المرء دون أن يكون قد أوصى بشيء معين إلا أن القانون جعلها ملزمة وورد الموصى لهم في وثيقة حصر الإرث خلافاً لرغبة المتوفى والورثة وهذا بعيد عن مقاصد الشرع وآيات المواريث .
ت ـ من شروط الموصي أن يكون عاقلاً رشيداً و إلا لما صحت الوصية بينما في الوصية الواجبة الأولاد يأخذون الحصة المفروضة لهم قانوناً مهما كان حال المتوفى سواء كان عاقلاً أم لا وهذا من أحكام الإرث وليس الوصية
ث ـ من شـروط انعقاد الوصية القبول من الموصى له وعدم ردها فالموصى له بالخيار إن شاء قبل وإن شاء رفض بالطبع إن أخذنا بأحكام الوصية ولكن من الناحية الفعلية بالنسبة للوصية الواجبة تنطبق عليها أحكام التوريث فهي لا تنتظر القبول كما أن وثيقة حصر الإرث تعتبر غير صحيحة في حال عدم ورود أسماء الموصى لهم فهم ينضمون في هذه الوثيقة لباقي الورثة فأصبحت إرثاً وليس وصية وهو مخالف لمقاصد الشرع .
ج ـ لم يرد حل شرعي وقانوني لها في حال تزاحم الوصايا أي في حال تعددت الوصايا وتجاوزت ثلث التركة ولم يجز الورثة العقلاء البالغين هذا التجاوز ونحن نعلم أن الوصايا منها ( الواجبة / وبالطبع ليس المقصود هنا حصة الأولاد / بل نوع الوصية أي عندما يتوقف عليها أداء الواجب كالوصية بديون الله تعالى من فدية صوم أو صلاة أو حج واجب لم يؤده المتوفى حال حياته وكذلك ديون العباد إذا لم تكن ثابتة أو موثقة بطريقة أخرى غير الوصية إما إذا كانت موثقة فهي تحسب من باب الديون ـ وهناك المندوبة والمباحة ) فما مصير الوصية الواجبة بين هذه الوصايا إن اعتبرت وصية بمعنى الوصية .... ؟؟؟
ومن هنا نرى أنها دخلت في باب أحكام المواريث وليس الوصية وهذا يخالف مقاصد التشريع لا سيما في أحكام المواريث التي جاءت النصوص القرآنية بها صريحة جامعة
هذا بعض ما استطعت الإلمام به بموضوع الوصية الواجبة راجية أن يساهم الزملاء الأفاضل كل منهم بهذا الموضوع الذي نعيشه في حالات كثيرة
من مراجع البحث :
أ ـ قانون الأحوال الشخصية السوري رقم 59 لعام 1953
ب ـ قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 61 لعام 1976
ت ـ قانون الوصية المصري رقم 71 لعام 1946
ث ـ بحوث في الفقه الإسلامي للدكتور أحمد الحجي الكردي
ح ـ الأحوال الشخصية للدكتور أحمد الحجي الكردي
ج ـ الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية لقدري باشا
هذا البحث مقدم من :
الشيماء ـ سورية .
من موقع : منتدى السنهوري للمحامين والقضاة والحقوقيين العرب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق