زواري

من أنا

صورتي
أنا المدلل الغارق في آلاء الله ونعمه , قليل الشكر كثير الذنب , أحب الله جدا ولكن المعاصي لم تدع لي وجها أقابل به ربي وليس لي إلا أن أطمع في رحمة ربي الواسعة لعله يقبلني . وأنا واقف بالباب لن أبرحه فليس لي غيره.

الاثنين، 26 أبريل 2010

التدخين حكمه و آثاره وعلاجه


تقرير وزارة الصحة العالمية :
حجم مشكلة التدخين في العالم
1. يبلغ عدد المدخنين في العالم حوالي 1.3 مليار مدخن ومن المقدر أن يصل إلى 1.7 مليار مدخن بحلول عام 2025م.
2. من 80 ألف إلي 100 ألف شاب يصبحون مدخنين منتظمين يوميا كل عام.
3. تبلغ الوفيات من أمراض ناتجة عن التدخين في العالم 4.9 مليون حالة وفاة سنويا ( 7% من إجمالي الوفيات ), أي حالتين وفاة كل 13 ثانية من أمراض وثيقة الصلة بالتدخين
4. بحلول عام 2025م من المقدر أن تكون الوفيات من أمراض ناتجة عن التدخين في العالم 10 مليون حالة وفاة سنويا ( 16% من إجمالي الوفيات ) منها 7 مليون حالة في الدول النامية .
التدخين في مصر :
يبلغ عدد المدخنين في مصر حوالي 13 مليون مدخن منهم 500 ألف تحت عمر 15 سنة
و73 ألف تحت عمر 10 سنوات.
يتم استهلاك 80 مليار سيجارة سنويا ( 4 مليار علبة سجاير ) في مصر.
يبلغ حجم الأنفاق القومي سنويا على التدخين نحو 5 مليارات جنية سنويا، أي أنه يمتص حوالي 22% من دخل الفرد المدخن شهريا، تصرف الأسرة المصرية 5% من دخلها في التدخين، 2% في العلاج، 1.5% في الترفيه.
يقدر المبلغ المنصرف لعلاج الأمراض المتعلقة بالتدخين حوالي 3 مليار جنية مصري سنويا.
500 مليون من أحياء اليوم سوف يقتلهم التبغ بحلول عام 2030م وسوف يكون نصف هؤلاء في أعمار منتجة يحرمهم التدخين من 20 إلي 25 سنة من حياتهم
زيادة نسبة المتغيبين عن العمل بين المدخنين أكبر بنسبة 50% عن الغير مدخنين.
فتوى الدكتور القرضاوي في التدخين ؟
هناك قاعدة عامة مقررة في شريعة الإسلام، وهي أنه لا يحل للمسلم أن يتناول من الأطعمة أو الأشربة شيئًا يقتله بسرعة أو ببطء - كالسم بأنواعه - أو يضره ويؤذيه - ولا أن يكثر من طعام أو شراب يمرض الإكثار منه، فإن المسلم ليس ملك نفسه، وإنما هو ملك دينه وأمته، وحياته وصحته وماله، ونعم الله كلها عليه وديعة عنده، ولا يحل له التفريط فيها. قال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم، إن الله كان بكم رحيما). (النساء: 29). وقال: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة). (البقرة: 195). وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا ضرر ولا ضرار). (رواه أحمد وابن ماجة). ووفقا لهذا المبدأ نقول: إن تناول التبغ (الدخان)-بصوره المختلفة مثل السيجارة أو النرجيلة أو غير ذلك ـ ما دام قد ثبت أنه يضر بمتناوله فهو حرام، وخاصة إذا قرر ذلك طبيب مختص بالنسبة لشخص معين، ولو لم يثبت ضرره الصحي لكان إضاعة للمال فما لا ينفع في الدين أو الدنيا، وقد (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال. (رواه البخاري). ويتأكد النهي إذا كان محتاجًا إلى ما ينفقه من مال لنفسه أو عياله أما علماء الطب والتحليل فقد قالوا كلمتهم في بيان آثار التدخين الضارة على البدن بوجه عام وعلى الرئتين والجهاز التنفسي بوجه خاص . وما يؤدي إليه من الإصابة بسرطان الرئة مما جعل العالم كله في السنوات الأخيرة ينادي بوجوب التحذير من التدخين. على أن من أضرار التدخين ما لا يحتاج إثباته إلى طبيب اختصاصي ولا إلى محلل كيماوي، حيث يتساوى في معرفته عموم الناس، من مثقفين وأميين. وينبغي أن نذكر هنا ما نقلناه من قبل عن بعض العلماء، وهو أن الضرر التدريجي كالضرر الدفعي الفوري، كلاهما مقتض للتحريم . ولهذا كان تناول السم السريع التأثير في الصدر والسم البطيء التأثير حرامًا بلا ريب. وإذا كان التدخين مذمومًا في شأن الرجال، فهو أشد ذما في شأن النساء، لأنه يشوّه جمال المرأة، ويغير لون أسنانها، ويجعل رائحة فمها كريهة، مع ما يجب أن تكون عليه الأنثى من حسن وجمال. ونصيحتي لكل مدخن أن يقلع عن هذه الآفة، بعزيمة قوية، وتصميم صارم ؛ فإن التدرج فيها لا يغني. ونصيحتي للشباب خاصة، أن ينزهوا أنفسهم عن الوقوع في هذه الآفة التي تفسد عليهم صحتهم، وتضعف من قوتهم ونضرتهم، ولا يسقطوا فريسة للوهم الذي يخيل إليهم أنها من علامات الرجولة، أو استقلال الشخصية . ومن تورط منهم في ارتكابها يستطيع بسهولة التحرر منها، والتغلب عليها وهو في أول الطريق، قبل أن تتمكن هي منه، وتتغلب عليه، ويعسر عليه فيما بعد النجاة من براثنها إلا من رحم ربك. وعلى أجهزة الإعلام أن تشن حملة منظمة بكل الأساليب على التدخين وتبين مساوئه. وعلى مؤلفي ومخرجي ومننتجي الأفلام والتمثيليات والمسلسلات، أن يكفوا عن الدعاية للتدخين، بوساطة ظهور " السيجارة " بمناسبة وغير مناسبة في كل المواقف. وعلى الدولة أن تتكاتف لمقاومة هذه الآفة، وتحرير الأمة من شرورها، وإن خسرت خزانة الدولة ملايين من العملات، فصحة الشعب الجسمية والنفسية أهم وأغلى من الملايين والبلايين . انتهى كلام الشيخ القرضاوي .
ومن أهم أسباب انتشار التدخين :
أولا: وسوسة الشيطان وتزيينه لتناول هذا المحرم .
ثانيا: رفقاء السوء وأصدقاء الفراغ .
ثالثا: المقاهي والاستراحات العامة ولا إشكال في ذلك لأن من أقامها أناس قليلو الديانة والأمانة لا يهمهم سوى جمع المال بأي وسيلة.
رابعا: الآباء والمربون وخاصة إذا كانوا يتعاطون الدخان فإنهم يصيرون قدوة عملية لتابعيهم .
العلاج :
قوة الإرادة والعزيمة .
استحضار الإثم والذنب المترتب على هذه المعصية .
النظر إلى أصحاب الصحة السليمة ومقارنة نفسك بهم .
التوبة والاستغفار ويتمثل ذلك في الإقلاع عن تناول هذا المحرم والندم على ما فات والإصرار على عدم العودة إليه ، وقطع الأسباب المؤدية إليه .
مدونة الفقه والمواريث وعلوم القرآن .

الثلاثاء، 20 أبريل 2010

من أسرار اللغة

سورة الذاريات
( والذاريا ت ذ روا فالحاملات وقرا) :
هي الرياح
ولكن انظر إلى فعل الله سبحانه مدبر كل أمر بما يستحقه :
فالرياح تارة تذرو السحاب فتقطعه وتفرقه وتارة تحمل السحاب إلى حيث يريد الله !
{ فالجاريات يُسْراً }
الفلك وصفت بكلمة ( يسرا) .
فضم الياء يعني دخولها الماء وسكون السين يعني استقرار الفلك على الماء ، وانفتاح الراء مع الألف بعدها يفيد الانطلاق بسهولة ويسر .
ومع أنها تجري إلا أن جريها هين يسير .
والجاريات صفة أقيمت مقام الموصوف ( الفلك ), ويسرا ، اسم هي أيضا . والوصف بالاسم يفيد الثبوت ؛ لأنه لا يرتبط بزمن .

( فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين ) .
تكررت الفاء لتفيد سرعة الخليل عليه السلام في إكرام ضيفه .
راغ : أي ذهب في خفية .
والثعلب يروغ لأنه يخفي نفسه حتى لا يُرى وهو يمشي واستعير المعنى هنا لغرض بلاغي .
فانظر بلاغتها :
فذهب إليهم في خفية من ضيوفه؛ ومن أدب المضيف أن يخفي أمره ، وأن يبادره بالقرى من غير أن يشعر به الضيف ، حذراً من أن يكفه عن إحضار الطعام أو يرجوه قبول عذره عن تناوله .
فتولى بركنه :
رَكَنَ إليه، كنَصَرَ وعَلِمَ ومَنَعَ، رُكوناً مال، وسَكَنَ. والرُّكْنُ، بالضم الجانِبُ الأقْوَى
وكأَميرٍ: الجَبَلُ العالي الأرْكان
والأمْرُ العظيمُ، وما يُقَوَّى به من مَلِكٍ وجُنْدٍ وغيرِهِ، والعِزُّ، والمَنَعَةُ
ومع هذه المنعة الكبيرة المتخيلةوالعزة التي ظنها حاصلة ، فإنه لا يعيش آمنا بل يعيش في قلب هذه المنعة الزائفة كالفأر ؛ لأن من معاني ركن
بالفتح: الجُرَذُ.
ومن معانيه : القار وهو القطران .
وتولى بركنه : أعرض بما كان يتقوّى به من جنوده وملكه .
فكان الجواب العملي : ( فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ) .
والأخذ يفيد الشدة والعنف ، والنبذ الطرح بشدة وعنف !
فلم ينفعه جند هامان , ولا مال قارون .
· واليم : كلمة مختارة فلم يقل البحر مثلا ؛ لأن اليم يفيد عمق البحر وكثرة مائه . واليم هو الماء نفسه .
· ( وهو مليم ) حال جملة اسمية تفيد الثبوت ، ثبوت اللوم عليه لإعراضه وكفره وتكذيبه بالآيات كلها.

· عقيم :
جاءت مرتين في السورة الكريمة :
فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ،وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم .
وشاء الله أن تلد العقيم وتعطي .
كما شاء للريح ألا تنزل مطرا ولا تلقح شجرا .
وفي هذا بيان للقدرة ، وأنه فعال لما يريد سبحانه وتعالى .
{ فَمَا استطاعوا مِن قِيَامٍ }
نفي لأي نوع من القدرة على القيام .
حيث إن من الزائدة المسبوقة بما النافية تفيد العموم ؛ فتم بها نفي عموم القيام وإبراز العجز التام .
وكونهم لا يستطيعون القيام بأي حركة دليل على شدة العذاب الذي حاق بهم .
{ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } بغيرِهم كَما لم يمتنعُوا بأنفسِهم .
وكيف يطلبون النصرة وقد صاروا خامدين ؟ .
ومن ذا الذي ينصرهم من بأس الله ؟ .
لماذا اختار القرآن الكريم كلمة ( ذنوب ) ؟ .
الجواب :
انظر هذه المعاني المقتبسة من القاموس المحيط وغيره :
الذَّنْبُ الإِثْمُ، ج ذُنُوبٌ، وجمع الجمع ذُنُوباتٌ، وقد أذْنَبَ، وبالتحريك واحِدُ الْأَذْنابِ.
وذيل الفرس والثعلب .
ولا جرم أن الذنب مما يضرب به ؛ لأنه موجع .
وأذْنابُ الناسِ، وذَنَبَاتُهُمْ، مُحَرَّكَةً أتْبَاعُهُمْ وسِفْلَتُهُمْ.
وذَنَبَهُ يَذْنِبُهُ ويَذْنُبُهُ: تَلاهُ فلم يُفارِقْ إثْرَهُ كاسْتَذْنَبَهُ
فهؤلاء أي مشركو مكة وغيرهم كان فعلهم كفعل أسلافهم ساروا في الكفر على إثرهم ونهجوا نهجهم .
. والذَّنُوبُ: الفَرَسُ الوافرُ الذَّنَبِ،
فإذا ضرب به أوجع
و الذَّنُوبُ من الْأَيَّامِ: الطويلُ الشَّرِّ،
والدَّلْوُ المَلْأَى، أو دونَ المَلْءِ، والحَظُّ والنَّصِيبُ،
والقَبْرُ،
ومن كُلِّ شَيْءٍ: عَقِبُهُ ومُؤَخَّرُهُ
والذُّنابَةُ، بالضمِّ: التابعُ. كالذانِبِ،
وأنف النعل
ومَسِيلٌ في الحَضِيضِ
والذُّنَيْباءُ، كالغُبَيْراءِ: حَبَّةٌ تكونُ في البُرِّ تُنَقَّى منه لرداءتها .
وقد ذَانَبَتْ: وقَعَ ولَدُها في القُحْقُحِ (العَظْمُ المُطيفُ بالدُّبُرِ ) .
ورَكِبَ ذَنَبَ البَعِيرِ: رَضِيَ بِحَظٍّ ناقِصٍ.
واسْتَذْنَبَ الْأَمْرُ: اسْتَتَبَّ.
والمُذانِبُ من الْإِبِلِ: الذي يكونُ في آخِرِ الْإِبِلِ.
والمذنب : التي تَجِدُ من الطَّلْقِ شِدَّةً فَتُمَدِّدُ ذَنَبَها.


الخميس، 15 أبريل 2010

سورة الصف



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين .
وبعد ....
تبدأ السورة الكريمة بإعلان هام وهو أن الكون كله دائم التسبيح والطاعة لله عز وجل ( سبح لله ما في السموات وما في الأرض ) .
ولفظ الماضي يفيد الثبوت الدوام .
فلا ينبغي للإنسان أن يشذ عن هذه الصورة وهو العاقل الذي كرمه الله وسخر له ما في السموات وما في الأرض جميعا منه .
والله عزيز غالب قوي منيع الجانب لا يحتاج إلى أحد .
حكيم في تكليف المؤمنين بالجهاد ليقيم الملة وينصر الدين على أيديهم وهذا اختيار عن علم وإحاطة .
وفي السورة الكريمة بيان لفشل بني إسرائيل في حمل هذه الرسالة فمنهم من زاغ ومنهم من كذب ؛ فزاغت قلوبهم وصاروا فاسقين وظالمين .
فجمعت الآيتان بين أهل الكتاب والمشركين في زاوية المغلوبين أمام الإسلام ، حدث هذا من قبل وسيحدث من بعد ؛ لأن قوانين الله لا تتبدل وسننه لا تتغير .
وفي السورة تكليف مباشر للمؤمنين بالدفاع عن الدين والجهاد في سبيل الله .
وإن كانت صورة التكليف بصيغة الاستفهام المفهمة للحث والتحضيض .
فلم يأت الأمر بالجهاد هنا كما جاء في سورة التوبة ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم، ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم ، قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) .
ولكن الأمر – حسب جو سورة الصف – يختلف عنه في سورة التوبة .
وواضح أن الأمة التي اختارها الله لهذه الأمانة ينبغي أن تهب لنصر الدين وبذل الغالي والرخيص في سبيل تحقيق هذا الهدف وهي راغبة مختارة .
ومراد الله أن يؤمن الناس والله عز وجل فعال لما يريد وسيحقق ما يريد على أيدي المؤمنين الذين يفهمون مراد الله ويبلغون رسالته للعالمين فمن اهتدى فلنفسه ومن عمي فعليها .
وعمادهم في ذلك إيمان بالله ورسوله وعون الله ومعيته .
وتأتي المحفزات الضخمة مصاحبة لهذا التكليف :
§ بأن الله ناصر دينه رغمًا عن الكافرين من أهل الكتاب والمشركين .
§ ومغفرة الذنوب وتكفير السيئات .
§ وجنات تجري من تحتها الأنهار ؛ ليفيد النعيم والاسترواح .
§ ومساكن طيبة .
§ في جنات عدن ، وعدن تعني الإقامة الدائمة ، وكأن الآية استعاضت عن ذكر خالدين فيها بكلمة عدن .
§ ويعقب المولى سبحانه على هذا الجزاء ( ذلك الفوز العظيم ) .
§ وهذا أيضا محفز كبير ؛ لأن الجزاء إذا كان عظيما بتقدير الله فهو جزاء ضخم جدا لأن مقاييس الله - سبحانه وتعالى- العليم بمقدار الجزاء وحلاوته وحقيقته أعظم من مقاييس البشر الذين لا يعلمون شيئا عن هذه الأمور إلا من الله الذي أعد هذا الجزاء .
§ وثمة محفز آخر وهو الوعد بنصر من الله . فلا ينسب النصر إلينا من أي وجه ( وما النصر إلا من عند الله ) آل عمران 126.
§ وفتح قريب وبشر المؤمنين ، وما أعظمها كلمة لاستمالة القلوب : وبشر المؤمنين .
§ وثم محفز عملي وقع بالفعل مع أتباع سيدنا عيسى عليه السلام إذ نصروا الله ورسوله فأيدهم الله على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ، وهذه الكلمة الأخيرة تعني أنهم لم يرتقوا إلى درجة النصر بعددهم وعدتهم ولكن الله عز وجل هو الذي جعلهم ظاهرين ومنتصرين ؛ فكان تأييد الله هو سبب النصر .
§ ومن هذه المحفزات المهمة الأمر المباشر – وقد يكون المقصود منه الحث – ( يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله ) وهو أمر يثير الحياء من الله عز وجل القادر العزيز الذي له جنود السموات والأرض ، ثم يدعونا - نحن عبيده الضعفاء - لينصر الدين على أيدينا ؟ . فأي شرف وأي رفعة !
§ قال الحواريون نحن أنصارالله ، فكونوا – أيها المؤمنون - مستجيبين طائعين مثلهم .
ولا يفوتني أن أذكر أدب القتال كما جاء في أول السورة ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) .
لدرجة أن السورة سميت بسورة الصف ؛ لتشير إلى أهمية التآلف وتوحيد الصفوف والقلوب في مواجهة أعداء الأمة .
ولاحظ أيضا أن التكليف لم يأت بالأمر المباشر ؛ ولكن إذا علم المؤمنون أن الله يحب أمرا بادروا لتنفيذه وسارعوا إلى إنجازه .
فالمقياس ليس مجرد الثواب ، ولكن المقياس : ماذا يحب الله لنفعله ؟ .
وهؤلاء هم الذين وصلوا إلى درجة المحبة ، فلا يحبون أن ينزلوا دونها ( والذين آمنوا أشد حبا لله ) البقرة165.
ألا ترى معي أن العتاب جاء في صدر السورة الكريمة لأن الله ( يحبهم ويحبونه ) ! المائدة54 .
فهذا عتاب عن محبة !
وهؤلاء الذين يحبهم الله ويحبونه يصنعهم الله على عينه ، ليجاهدوا في سبيله حتى يكون الدين كله لله ، بعد أن تولى أهل الكتاب السابقين عن نصر هذا الدين .
وهناك شبه بين موضوع السورة الكريمة وموضوع سورة البقرة :
فقد بينت سورة البقرة فشل بني إسرائيل في حمل رسالة التوحيد ، فكلف الله بها أمة الإسلام ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) البقرة143.
وكلفت المؤمنين بالقتال في قوله سبحانه : ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) البقرة216 .
وشجعت المؤمنين على القتال بقصة طالوت وجالوت كما جاء الحديث هنا عن نصر الله للحواريين : ( فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين ) البقرة251.
ولاحظ اتساق أول السورة بآخرها ، ففي أول آية ( وهو العزيز الحكيم ) وفي آخرها تتمثل العزة والحكمة في نصر المؤمنين ( فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ).
ولله الحمد أولا وآخرا .

السبت، 10 أبريل 2010

الهبة وأحكامها

الهبة :
تعريفها :
عقد تمليك المال للغير في الحياة بغير عوض .
وهي عقد لأنها تتم بالإيجاب والقبول .
وتصح صيغة العقد بالقول والفعل والإشارة .
وأصح الأقوال أنها تصح بالإيجاب وحده . كأن يهب الرجل لأخيه شيئا ولم ينطق المهدى إليه واكتفى بأن سكت . وقد يكون غائبا .
فلو انتفي التمليك : كان إعارة لا هبة .
وإن كان بعوض كان بيعًا .
وإذا تأخر التمليك إلى ما بعد حياة الواهب كان وصية .
مشروعيتها :
مستحبة .
ودليل ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- تهادوا تحابوا فان الهدية تسل السخيمة أي: تذهب وحر الصدر -كما في رواية- تسل السخيمة، وتذهب وحر الصدر، أي: تزيل ما في الصدر من البغضاء بين الاثنين، ومن الأحقاد والضغائن.
فإذا أهدى إليه عرف أنه يحبه، وأنه يود له الخير؛ فعند ذلك تثبت المودة، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبل الهدية ويثيب عليها كان يأكل من الهدية ولا يأكل من الصدقة الصدقات والزكوات ونحوها يقول: إنها لا تحل لآل محمد وأما الهدية فإنه كان يقبلها ويثيب عليها.
تصح الهدية ولو شيئا يسيرا. إذا أهديت لصاحبك شيئا يسيرا: ككتاب -مثلا- أو فاكهة أو كسوة أو شيء مما يطعم، أو يفرح به أو يستعمل، ولو شيئا يسيرا: كقلم أو قرطاس أو دفتر -فإن ذلك مما يحسن استعماله بين الإخوة. فلذلك جعلوا باب الهدية.
ويشمل هذا الباب الهدية والعطية والأخيرة أجمع .
شروط في الواهب والموهوب له والهبة :
الواهب : أن يكون مالكا غير محجور عليه بالغا مختارا .
الموهوب له : أن يكون موجودا حقيقة فلا تصح لجنين .
ولو كان صغيرا أو مجنونا تصح حيث يقبضها وليه .
الموهوب :
أن يكون موجودا حقيقة .
أن يكون مالا متقوما .
ما الحكم في هبة المريض ؟ .
لو شفي من مرضه صحت الهبة .
ولومات ، وادعى الموهوب له ، فإن وافق الورثة كانت هبة ولكن عليه أن يثبت أنها كانت في حال الصحة .
وإن لم يوافق الورثة أو لم يثبت المدعى دعواه كانت وصية وتكون في حدود الثلث بحد أقصى .
فإن كان الموصى إليه وارثا ؟ .
لا تصح له لأنه لا وصية لوارث . وهناك تفصيل آخر في باب الوصية إن شاء الله .
ولكن هل قبض الهبة واجب بعد العقد ؟ .
فيه خلاف :
عند مالك وأحمد وأبي ثور وأهل الظاهر أنه لا يجب . بمعنى لو أنه وهب ولم يسلم الهبة حتى مات يستلمها الموهوب له بعد موته ؛ فهم يرون أن الهبة صارت ملكا بمجرد العقد .
وعندالأحناف والشافعية والثوري لا يصح لأن القبض من شروط صحتها .
ما الحكم فيمن يتبرع بكل ماله ؟ .
خلاف :
قالوا الثلث فقط ومازاد على ذلك فلا يجوز ( الثلث والثلث كثير ) .
والقول الآخر انه يجوز ولكن إ ذا كان سيسأل الناس فلا يجوز .
وكذلك إذا كان له ورثة فلا يجوز الهبة فوق الثلث .
الثواب على الهدية :
حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهو عند البخاري والترمذي : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها) .
وفي رواية ابن أبي شيبة : ( ويثيب ما هو خير منها ) .
قال الخطابي :
من العلماء من جعل أمر الناس في الهدية على ثلاث طبقات :
الهدية من أعلى إلى أدنى :
كهبة الرجل للخادم ومن دونه ، إكراما له وإلطافا . وهذا غير مقتض ثوابا .
هبة الصغير للكبير . والثواب فيها واجب .
هبة النظير لنظيره . والغال فيها معنى التودد والتقرب .
ثم قال :
فإذا وهب هبة واشترط فيها الثواب فهو لازم .
حرمة تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطاء :
وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم :
( سووا بين أولادكم في العطية . ولو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء ) . أخرجه الطبراني وسعيد بن منصور .
الرجوع في الهبة :
لا يجوز الرجوع في الهبة إلا إذا كانت من الوالد لولده .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد لولده ) . رواه أصحاب السنن عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما .
ما لا يرد من الهدايا :
الطيب واللبن والوسائد .
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث لا ترد الوسائد والدهن واللبن ) . رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنه .
وحديث أبي هريرة : ( ومن عرض عليه ريحان فلا يرده لأنه خفيف المحمل طيب الريح ) رواه مسلم .
الثناء على المهدي :
هو أمر مستحب .
وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم :
" من لم يشكر الناس لم يشكر الله " . رواه أحمد والترمذي .
" من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلع في الثناء " . رواه الترمذي .
والحمد لله رب العالمين .
مدونة الفقه والمواريث وعلوم القران .
شعبان شحاته .

الوصية وأحكامها

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالأصل في الوصية قول الله _عز وجل_: "كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ" (البقرة:180)، وأكد ذلك النبي _صلى الله عليه وسلم_ فيما رواه البخاري عن ابن عمر _رضي الله عنهما_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين ولمسلم (ثلاث ليال) إلا ووصيته مكتوبة عنده" متفق عليه.
زاد مسلم: قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال ذلك إلا وعندي وصيتي.
والمراد بالوصية: العهد بشيء بعد الموت من حق أو واجب.
ومع كونها مشروعة في الأصل إلا أن لها أربعة أحكام:
1 – فقد تكون الوصية واجبة وذلك في كل حق واجب على الموصي ليس عليه بينة كشهود يشهدون به لصاحبه، فيوصي به خشية أن يجحده الورثة، أو لا يصدقوا مدعيه، مثل أن تكون عند المرء زكاة لا يعلم بها إلا هو ولا يتمكن من إخراجها في الوقت الحاضر، أو يكون عليه لآخر دين بسبب اقتراض أو مبايعة بأجل أو شراكة بينهما في مال ولا بينة لما تقدم.
2 – وقد تكون مستحبة وذلك في غير الحقوق الواجبة مما هو مشروع كالوصية بإنفاق ثلث ماله أو أقل منه في وجوه البر.
3 – وقد تكون الوصية مباحة وذلك بالوصية ببعض ماله في الوجوه المباحة لكنها ليست من وجوه البر التي تبذل فيها الصدقة كهدية لغني.
4 – وقد تكون مكروهة أو محرمة وذلك إذا أوصى لجهة غير مباحة كالوصية لجهة لهو أو عبث، أو الوصية للأضرحة وتشييد القبور، أو الوصية بإقامة المآتم، أو إقامة الحفلات الغنائية المحرمة، أو الوصية لوارث أو بأكثر من الثلث.
ويشترط لصحة الوصية ثلاثة شروط:
1 – أن يكون المال الموصى به حلالاً؛ فلا تصح الوصية بمال محرم؛ لقوله _صلى الله عليه وسلم_: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً".
2 – أن تكون في ثلث ماله أو أقل ولا يجوز بأكثر منه لقوله _صلى الله عليه وسلم_: "الثلث والثلث كثير"، والمستحب أن يوصي بأقل من الثلث لأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ وصفه بأنه كثير، وأوصى أبو بكر بخمس ماله وقال رضيت بما رضي الله به لنفسه الخمس. ويتأكد الاستحباب إن كان في ماله ضيق وله ورثة؛ بل ويستحب ترك الوصية إذا كان المال قليلاً لا يكاد يكفي الورثة؛ لأن الأقربين وهم الورثة أولى بالمعروف، ولقوله _صلى الله عليه وسلم_: "إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" متفق عليه.
3 – أن تكون الوصية لغير وارث، لقوله _صلى الله عليه وسلم_: "لا وصية لوارث" فليس لأحد أن يوصي لولده أو والده أو زوجه، وله أن يوصي لقريب له لا يرث كأخ مع وجود الابن وهكذا. وقول النبي _صلى الله عليه وسلم_ في حديث ابن عمر: "إلا ووصيته مكتوبة عنده" يدل على أنه ينبغي على الموصي العناية بتوثيق وصيته وحفظ محتواها من خلال أمرين: كتابة الوصية لتوثيقها وعدم الشك في شيء منها، والثاني: حفظها عنده أو عند من يثق فيه؛ لئلا تضيع.
وقد استحب أهل العلم أن تصدر الوصية بالبسملة وحمد الله والصلاة على نبيه ثم يقول: (فهذا ما أوصى به عبد الله والفقير إليه "ويذكر اسمه" أنه يشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور) وأن تضمن الوصية بتقوى الله والصبر على المصيبة، والله أعلم.
الوصية من العقود الجائزة التي يصح فيها للموصي أن يغيرها أو يرجع عما شاء منها أو يرجع عما أوصى به.
والرجوع يكون صراحة بالقول كأن يقول: رجعت عن الوصية.
ويكون دلالة بالفعل مثل تصرفه في الموصى به تصرفا
يخرجه عن ملكه مثل أن يبيعه.
متى تستحق الوصية: ولا تستحق الوصية للموصى له إلا بعد موت الموصي وبعد سداد الديون.
فإذا استغرقت الديون التركة كلها فليس للموصى له شئ لقول الله تعالى: " من بعد وصية يوصى بها أو دين ".
الوصية المضافة أو المعلقة بالشرط: وتصح الوصية المضافة أو المعلقة بالشرط أو المقترنة به متى كان الشرط صحيحا.
والشرط الصحيح: هو ما كان فيه مصلحة للموصي أو الموصى له أو لغيرهما ولم يكن منهيا عنه ولا منافيا لمقاصد الشريعة.
ومتى كان الشرط صحيحا وجبت مراعاته ما دامت المصلحة منه قائمة.
فإن زالت المصلحة المقصودة منه أو كان غير صحيح لم تجب مراعاته.
شروطها: الوصية تقتضي موصيا وموصى له وموصى به، ولكل شروط نذكرها فيما يلي: شروطالموصي: يشترط في الموصي أن يكون أهلا للتبرع بأن يكون
كامل الاهلية.
وكمال الاهلية بالعقل والبلوغ والحرية والاختيار وعدم الحجر لسفه أو غفلة، فإن كان الموصي ناقص الاهلية بأن كان صغيرا أو مجنونا أو عبدا أو مكرها أو محجورا عليه فإن وصيته لا تصح.
ويستثنى من ذلك أمران: 1 - وصية الصغير المميز الخاصة بأمر تجهيزه ودفنه مادامت في حدود المصلحة.
2 - وصية المحجور عليه للسفه في وجه من وجوه الخير مثل تعليم القرآن وبناء المساجد وإقامة المستشفيات.
ثم إن كان له وارث وأجازها الورثة نفذت من كل ماله.
وكذا إذا لم يكن له وارث أصلا.
وأما إن كان له ورثة ولم يجيزوا هذه الوصية فإنها تنفذ من ثلث ماله فقط، وهذا مذهب الاحناف.
وخالف في ذلك الامام مالك فأجاز وصية ضعيف العقل والصغير الذي يعقل معنى التقرب إلى الله تعالى قال: " الامر المجمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحيانا تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به.
وكذلك الصبي الصغير إذا كان يعقل ما أوصى به ولم يأت بمنكر من
القول فوصيته جائة ماضية ".
وقد أجاز القانون في مصر وصية السفيه وذوي الغفلة إذا أذنت بها الجهة القضائية المختصة.
يشروط الموصى له: يشترط في الموصى له الشروط الاتية: 1 - ان لا يكون وارثا للموصي.
روى أصحاب المغازي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح: " لا وصية لوارث ".
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه.
وهذا الحديث وان كان خبر آحاد إلا أن العلماء تلقته بالقبول وأجمعت العامة على القول به.
- ومذهب الاحناف أن الموصى له إذا كان معينا يشترط لصحة الوصية له أن يكون موجودا وقت الوصية تحقيقا أو تقديرا.
أي يكون موجودا بالفعل وقت الوصية أو يكون مقدرا وجوده أثناءها.
كما إذا أوصى لحمل فلانة.
وكان الحمل موجودا وقت ايجاب الوصية.
أما إذا لم يكن الموصى له معينا بالشخص فيشترط أن يكون موجودا وقت موت الموصي تحقيقا أو تقديرا.
فإذا قال الموصي: أوصيت بداري لاولاد فلان ولم يعين هؤلاء الاولاد، ثم مات ولم يرجع عن الوصية.
فإن
الدار تكون مملوكة للاولاد الموجودين وقت موت الموصي سواء منهم الموجود حقيقة أو تقديرا كالحمل، ولو لم يكونوا موجودين وقت إيجاب الوصية.
ويتحقق من وجود الحمل وقت الوصية أو وقت موت الموصي متى ولد لاقل من ستة أشهر من وقت الوصية أو من وقت موت الموصي.
وقال الجمهور من العلماء: إن من أوصى أن يفرق ثلث ماله حيث أرى الله الوصي انها تصح وصيته ويفرقه الوصي في سبيل الخير ولا يأكل منه شيئا ولا يعطي منه .
وارثا للميت ".
وخالف في ذلك أبو ثور، أفاده الشوكاني في نيل الاوطار.
3 - ويشترط أن لا يقتل الموصى له الموصي قتلا محرما مباشرا.
فإذا قتل الموصى له الموصي قتلا محرما مباشرا بطلت الوصية له لان من تعجل الشئ قبل أوانه عوقب بحرمانه.
وهذا مذهب أبي يوسف.
وقال أبو حنيفة ومحمد لا تبطل الوصية وتتوقف على إجازة الورثة.
شروط الموصى به: يشترط في الموصى به أن يكون بعد موت الموصي قابلا للتمليك بأي سبب من أسباب الملك، فتصح الوصية بكل مال متقوم من الاعيان ومن المنافع.
وتصح الوصية بما
يثمره شجره وبما في بطن بقرته لانه يملك بالارث فما دام وجوده محققا وقت موت الموصي استحقه الموصى له.
وهذا بخلاف ما إذا أوصى بمعدوم.
وتصح الوصية بالدين وبالمنافع كالسكن وبالوصية بالحلو.
ولا تصح بما ليس بمال كالميتة.
وما ليس متقوما في
حق العاقدين كالخمر للمسلمين.
مقدار المال الذي تستحب الوصية فيه: قال ابن عبد البر: " اختلف السلف في مقدار المال الذي يستحب فيه الوصية أو يجب عند من أوجبها.
فروي عن علي أنه قال: ستمائة درهم أو سبعمائة درهم ليس بمال فيه وصية وروي عنه ألف درهم مال فيه وصية.
وقال ابن عباس: لا وصية في ثمانمائة درهم وقالت عائشة: في امرأة لها أربعة من الولد ولها ثلاثة آلاف درهم لا وصية في مالها.
وقال ابراهيم النخعي: ألف درهم إلى خمسمائة درهم.
وقال قتادة في قوله " إن ترك خيرا " ألفا فما فوقها وعن علي: من ترك مالا يسيرا فليدعه لورثته فهو أفضل وعن عائشة فيمن ترك ثمانمائة درهم لم يترك خيرا
فلا يوصي " ا.
ه الوصية بالثلث: وتجوز الوصية بالثلث ولا تجوز الزيادة عليه، والاولى أن ينقص عنه، وقد استقر الاجماع على ذلك.
روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، وأنا بمكة - وهو يكره أن يموت بالارض التي هاجر منها - قال: يرحم الله ابن عفراء - قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: لا.
قلت: فالشطر (1)؟ قال: لا.
قلت: الثلث؟ قال: فالثلث والثلث كثير، إنك إن تدع (2) ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة (3) يتكففون (4) الناس في ايديهم، وانك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة ترفعها إلى في (5) في امرتك، وعسى الله أن يرفعك فينتفع بك أناس ويضر بك آخرون، ولم يكن له يومئذ إلا ابنة " (6) الثلث يحسب من جميع المال: ذهب جمهور العلماء إلى أن الثلث يحسب من جميع
__________
(1) الشطر: النصف.
(2) تدع: تترك.
(3) عالة: فقراء.
(4) يتكففون الناس: يبسطون للسؤال أكفهم.
(5) في: الفم.
(6) كان هذا قبل أن يولد له الذكور.
وقد ولد له بعد ذلك أربعة بنين - ذكره الواقدي، وقيل: أكثر من عشرة ومن البنات ثنتا عشرة بنتا.
المال الذي تركه الموصي وقال مالك: يحسب الثلث مما علمه الموصي دون ما خفي عليه أو تجدد له ولم يعلم به.
وهل المعتبر الثلث حال الوصية أو عند الموت؟ ذهب مالك والنخعي وعمر بن عبد العزيز أو المعتبر ثلث التركة عند الوصية.
وذهب أبو حنيفة وأحمد والاصح من قولي الشافعية إلى اعتبار الثلث حال الموت.
وهو قول علي وبعض التابعين.
الوصية بأكثر من الثلث: الموصي إما أن يكون له وارث أو لا.
فإن كان له وارث فإنه لا يجوز له الوصية بأكثر من الثلث كما تقدم، فإن أوصى بالزيادة على الثلث فإن وصيته لا تنفذ إلا بإذن الورثة، ويشترط لنفاذها شرطان: 1 - ان تكون بعد موت الموصي لانه قبل موته لم يثبت للمجيز حق فلا تعتبر إجازته، وإذا أجازها أثناء الحياة كان له الرجوع عنها متى شاء.
وإن أجازها بعد الحياة نفذت الوصية.
وقال الزهري وربيعة: ليس له الرجوع مطلقا.
2 - أن يكون المجيز وقت الاجازة كامل الاهلية غير
محجور عليه لسفه أو غفلة.
وإن لم يكن له وارث فليس له أن يزيد على الثلث أيضا.
وهذا عند جمهور العلماء.
وذهب الاحناف واسحاق وشريك وأحمد في رواية، وهو قول علي وابن مسعود، إلى جواز الزيادة على الثلث.
لان الموصي لا يترك في هذه الحال من يخشى عليه الفقر، ولان الوصية جاءت في الاية مطلقة.
وقيدتها السنة بمن له وارث فبقي من لا وارث له على إطلاقه.
وبطلان الوصية: وتبطل الوصية بفقد شرط من الشروط المتقدمة كما تبطل بما يأتي: 1 - إذا جن الموصي جنونا مطبقا واتصل الجنون بالموت (1).
2 - إذا مات الموصى له قبل موت الموصي.
3 - إذا كان الموصى به معينا وهلك قبل قبول الموصى له.
__________
(1) الجنون المطبق هو الجنون الذي يستمر سنة عند محمد، وقال أبو يوسف: هو الذي يستمر شهرا وعليه الفتوى.

الوصية الواجبة صدر قانون الوصية الواجبة رقم 71 لسنة 1365
هجرية وسنة 1946 م وقد تضمن الاحكام الاتية: 1 - إذا لم يوص الميت لفرع ولده الذي مات في حياته أو مات معه ولو حكما بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثا في تركته لو كان حيا عند موته، وجبت للفرع وصية في التركة بقدر هذا النصيب في حدود الثلث، بشرط أن يكون غير وارث، وألا يكون الميت قد أعطاه بغير عوض من طريق تصرف آخر قدر ما يجب له، وإن كان ما أعطاه ما أقل منه وجبت له وصية بقدر ما يكمله.
وتكون هذه الوصية لاهل الطبقة الاولى من أولاد البنات، ولاولاد الابناء من أولاد الظهور (1) وإن نزلوا،
__________
(1) وهم من لا ينتسبون إلى الميت بأنثى.
على أن يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره، وأن يقسم نصيب كل أصل على فرعه وإن نزل قسمة الميراث كما لو كان أصله أو أصوله الذين يدلي بهم إلى الميت ماتوا بعده وكان موتهم مرتبا كترتيب الطبقات.
2 - إذا أوصى الميت لمن وجبت له الوصية بأكثر من نصيبه كانت الزيادة وصية اختيارية، وإن أوصى له بأقل من نصيبه وجب له ما يكمله، وإن أوصى لبعض من وجبت لهم الوصية دون البعض الاخر وجب لمن لم يوص له قدر نصيبه، ويؤخذ نصيب من لم يوص له
من وجبت لهم الوصية دون البعض الاخر وجب لمن لم يوص له قدر نصيبه، ويؤخذ نصيب من لم يوص له ويوفى نصيب من أوصى له بأقل مما وجب من باقي الثلث، فإن ضاق عن ذلك فمنه ومما هو مشغول بالوصية الاختيارية.
3 - الوصية الواجبة مقدمة على غيرها من الوصايا، فإذا لم يوص الميت لمن وجبت لهم الوصية وأوصى لغيرهم استحور كل من وجبت له الوصية قدر نصيبه من باقي ثلث التركة إن وفى وإلا فمنه ومما أوصى به لغيرهم.
طريقة حل المسائل التي تشتمل على الوصية الواجبة: 1) يفرض الولد الذي مات في حياة أحد أبويه حيا وارثا ويقدر نصيبه كما لو كان موجودا.
2) يخرج من التركة نصيب المتوفى ويعطى لفرعه
المستحق للوصية الواجبة إن كان يساوي الثلث فأقل، فإن زاد على الثلث رد إلى الثلث ثم يقسم على الاولاد للذكر مثل حظ الانثيين.
3) يقسم باقي التركة بين الورثة الحقيقيين على حسب فرائضهم الشرعية.
من كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق رحمه الله .